نماذج تفعيل إدارة الجودة الشاملة: ثانيا- النموذج الأوروبي

ثانيا: النموذج الأوروبي للجودة.

يعتبر النموذج الأوروبي للجودة من أبرز النماذج الشائع استخدامها في العالم المعاصر، إذ يقوم على قاعدة أساسية من فكرة الجودة الشاملة، حيث نبع من فعاليات الإتحاد الأوروبي لإدارة الجودة (EFQM) الذي أسس بداية عام 1992م، في إطار تقويم المؤسسات لنيل الجائزة الأوروبية للجودة التي يديرها الإتحاد ذاته.

يقوم النموذج الأوروبي على مجموعة من المعايير المصنفة ضمن الإمكانيات التي تمتلكها المؤسسة، و النتائج التي تحققها في إطار الإمكانيات المتاحة، هذه الأخيرة تتحسن من خلال استغلال التغذية العكسية المترتبة على النتائج المحققة.

و من أجل توجيه المؤسسات لتحسين أدائها، فان الإتحاد الأوروبي لإدارة الجودة الشاملة قام بوضع نموذج للجودة، هذا النموذج هو تطبيق لأفكار مبنية في شكل نظام للإدارة، تطبقه العديد من المؤسسات مهما كانت طبيعة نشاطها.

أولا: المفاهيم الأساسية للنموذج الأوروبي للجودة.

حتى تتمكن المؤسسة من تعظيم الإستفادة من نموذج الجودة للإتحاد الأوروبي لإدارة الجودة، يجب على فريق الإدارة أن يتأكد من مجموعة من المفاهيم الأساسية، ففي حالة عدم فهم أو قبول هذه المفاهيم فان التكيف مع النموذج سيكون صعبا، و يمكن حصرها فيما يلي:

- التركيز على النتائج المستهدفة: التميز هو تحقيق النتائج التي ترضي أصحاب المصالح ذوي العلاقات بالمؤسسة (عملاء داخليين و خارجيين، الموردين، أصحاب رأس المال و المجتمع ككل).

- القيادة الفعالة و الأهداف الواضحة: التميز هو قيادة طموحة و لها رؤية ثاقبة بالإضافة إلى ضرورة ثبات الأهداف.

- العملاء الخارجيين: يتوجب تنمية علاقات التعامل مع العملاء الخارجيين و الإحتفاظ بولائهم للمؤسسة، فالتميز هو إعطاء المزيد من الإهتمام بالزبون فهو الحكم الأخير على تميز أداء المؤسسة حسب ما يحصل عليه مقارنة مع توقعاته.

- تنمية و تمكين العاملين: التميز يتحقق بتعظيم مساهمات الأفراد العاملين بالمؤسسة حتى تنطلق طاقاتهم الإبداعية و قدراتهم الفكرية و خبراتهم و معارفهم فيما يعود على المؤسسة بأفضل النتائج، و بالتالي ينتج التميز إذا خلقت في المنظمة بيئة مشجعة على المشاركة و تنمية القيم و المفاهيم المشتركة بين الأفراد و القائمة على الثقة و تكامل الأهداف.

- الإدارة بمنطق العمليات المتكاملة و الإعتماد على الحقائق: التميز يتحقق وفق إدارة المؤسسة لأنظمة مترابطة و متكاملة تجرى إدارتها و توجيهها نحو الأهداف المرجوة وفق معلومات صحيحة و متجددة.

- التعلم المستمر، الإبتكار و التحسين: يعتبران من الشروط المهمة لتحقيق الأداء المتميز من خلال استثمار خبرات المؤسسة و معارف العاملين فيها نتائج العلم و مستحدثات التقنية في تطوير العمليات، تفادي العيوب و الأخطاء و منع تكرارها، و الإرتقاء إلى مستويات عالية باستمرار من الكفاءة و الفعالية.

- تنمية علاقات الشراكة و التحالف: تسمح وجود مثل هذه العلاقات و التحالفات بتوفير فرص أفضل للعمل بكفاءة حيث تستثمر علاقات التعاون و التكامل مع جميع شركاء العمل (المتعاملين مع المؤسسة)، و العلاقات تبنى على مبدأ تبادل المصالح و أن تكون كل الأطراف رابحة.

- إدراك المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة: من أجل تحقيق التميز في الأداء يجب على المؤسسة احترام قواعد و نظم المجتمع و هذا من شروط النجاح على المدى الطويل.

و نود الإشارة إلى أن من يقرأ النموذج الأوروبي، سيخرج بنتيجة مفادها أن إدارة الجودة الشاملة نظام متكامل يتكون من مدخلات يوجهها و يسيطر عليها و يسيرها قيادة إدارية فعالة، للوصول إلى مخرجات محددة.

إن هذا النموذج مبني على قاعدة منطقية بسيطة، كون أن العمليات هي الوسائل التي من خلالها تقوم المؤسسات بتسخير و إطلاق العنان للمواهب و الطاقات لأفرادها العاملين و ذلك لتحقيق النتائج المرجوة: إرضاء العميل، إدارة الموارد البشرية، التأثير في المجتمع، و يتم إعداد كل هذه المهام من خلال القيادة التي تتبنى سياسات و استراتيجيات إدارة الموارد البشرية و الموارد و العمليات التي تهدف بطبيعة الحال إلى التميز في الأداء و تحقيق النتائج المرجوة في العمل، كما أن تطوير و تحسين العمليات في حد ذاتها يتوقف على درجة مشاركة و فعالية العاملين أنفسهم في التطوير.

ثانيا: معايير النموذج الأوروبي.

يقوم المنطق العام للنموذج الأوروبي على أن النتائج التي تحققها المؤسسة على اختلاف المنتفعين منها من العاملين و العملاء و المجتمع ككل، إنما تتحدد نتيجة كفاءة القيادة التي تضع الاستراتيجيات و السياسات و توجه العاملين و تنسق بين مختلف الموارد المتاحة للمؤسسة، كما تعمل على تكوين و استثمار العلاقات مع الأطراف الخارجيين ذوي المنفعة للمؤسسة، و تصوغ كل ذلك في عمليات تم تصميمها بكفاءة تنتهي إلى تحقيق نتائج الأداء المتميز للمؤسسة، و سنعرض معايير النموذج الأوروبي في مجموعتين هما:

العناصر المساعدة ( الإمكانيات) و النتائج، حيث أن الإمكانيات تعبر عن ما تحتاجه المؤسسة لتحقيق أهدافها، أما النتائج فتعبر عما حققته و ما تحققه المؤسسة من انجازات في إطار الإمكانيات المتاحة، و يمكن تصنيفها كما يلي:

1- العناصر المساعدة ( الإمكانيات): و تشمل على ما يلي :

- القيادة: يشير عنصر القيادة إلى أسلوب قادة المؤسسة في تنمية و تسيير الأداء لتحقيق رسالتها و رؤيتها المستقبلية و أهدافها من خلال تشجيع العاملين و تقدير انجازاتهم.

- الأفراد (الموارد البشرية): التميز هو زيادة مساهمة الموظفين من خلال تطويرهم و تدريبهم لرفع كفاءتهم و أدائهم في العمل.

- السياسة و الإستراتيجية: تعبر الإستراتيجية عن الرؤية و تصور المستقبل المطلوب تحقيقه و أسلوب المؤسسة في الوصول إلى ذلك، أما السياسة فتعبر عن الإطار العام الذي يحكم سير و تنفيذ العمليات داخل المؤسسة.

- الشراكة و الموارد: التميز عبارة عن إقامة شراكات مع أصحاب المصالح المتبادلة و المحافظة على هذه الشراكات.

- العمليات: المقصود بالتميز إدارة المنظمة من خلال الأنظمة و العمليات و الحقائق.

2- النتائج: و تشمل على:

- النتائج المتعلقة بالأفراد: يعبر هذا المعيار عن مدى تحقيق النتائج التي ترضي المالكين و العاملين و الموردين.

- النتائج المتعلقة بالعملاء: التميز هو تحقيق رضا العملاء عن المنظمة و المنتج.

- النتائج المتعلقة بالمجتمع: التميز هو تفهم المنظمة لمتطلبات المجتمع المحلي و تلبيتها.

-نتائج الأداء الرئيسية: تعبر هذه النتائج عن كفاءة أداء المؤسسة من خلال قياس جودة المنتج.

و فيما يلي شكل يمثل معايير النموذج الأوروبي للجودة:


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]